بصفتي مستشارة في مجال القيادة أجد نفسي محاطة باستمرار بشخصيات وأفكار ومواقف تُلهمني وتمنحني أفكاراً جديدة وإبداعية بلا توقف هؤلاء القادة البارزين الذي أسعدني الحظ بالعمل معهم.

الذين يعكسون القيم الجوهرية لمؤسساتهم وهذه القيم التي نتطلع جميعاً لتمثيلها بدءاً من التواضع ومروراً بالعمل الجاد ووصولاً إلى الاستثمار بتطوير أنفسهم وفِرقهم

في هذا المقال سنكتشف خمساً من أبرز النصائح التي تلقيتها خلال حوار ثري مع هؤلاء القادة الملهمين وصانعي التغيير

فمن منكم مستعد لجرعة من الإلهام القيادي

 

التقدم يأتي ببذل الجهود إلى أبعد الحدود

كما قال أحد القادة بحكمة: " التفوّق والتميّز يظهر حقاً عندما تبذل جهداً يفوق التوقعات وفي المكان الذي تثبت به وجودك، أعتقد أن الإجابة يجب أن تكون دائماً نعم إلا إذا كان لا بد من الرفض، حاول دائماً أن تجد طريقة لقول نعم"

بمعنى آخر، التقدم في بيئة العمل يتحقق من خلال الفعل والمبادرة فعلينا أن نستثمر في أنفسنا لضمان استمرارنا في النَمو والتعلم، قد يبدو المجهول مخيفاً أحياناً لكن عندما نُعِدّ أنفسنا ذهنياً ونجد الشجاعة لقول "نعم!" أمام المهام والتوقعات والتكليفات الجديدة سنجني ثمار ذلك في المستقبل

وخلال حديثه عن اتخاذ الخطوات الصحيحة في العمل، أضاف القائد سؤالاً محورياً يمكننا طرحه على أنفسنا عند مواجهة التردد: "ما الشيء المميز الذي تفعله داخل قسمك ليجعل عملك بارزاً متميزاً ؟"

 إذا لم نستطع الإجابة، فهذا يعني أن أمامنا فرصاً لا حصر لها لتطوير أنفسنا والنمو ضمن وضعنا الحالي

وأشار قائد آخر إلى أهمية مواجهة المجهول والتحديات: "إذا طلب مني أحدهم القيام بشيء ما، فأنا أقول نعم سأجرب ذلك، أنا لا أخاف العمل ولا أخشى التحديات، بل أستمتع بها وأحب اكتشاف الأشياء وأعشق التعلم، وأعتقد أن جزءاً من نجاحي على مر السنين يعود إلى حبي للتعلم"

باختصار، كلما بذلنا المزيد من الجهد، كلما تعلمنا أكثر وتطورنا

وبالحديث عن التعلم

 اكتشف أسلوب التعلم الفريد الخاص بك

أكّد العديد من القادة على أهمية التعرف على أسلوب التعلم الخاص بهم واحتضانه، فهل أنت متعلّم بصري، حيث تُسهل عليك الرسوم البيانية والمخططات لاستيعاب المعلومات؟ أم متعلّم سمعي، حيث تجذبك البودكاست والمحاضرات الصوتية؟ أم متعلّم عملي، حيث تحتاج إلى الانخراط مباشرة في الممارسة لتتعلم من التجربة؟

بمجرد أن نتعرف على أسلوب التعلم الذي يناسبنا بشكل أفضل، يمكننا تصميم موادنا التعليمية وفقاً لذلك 

وقد أشار هؤلاء القادة مازحين إلى أن الكتب لم تكن يوماً وسيلتهم المفضلة للتعلم، لكنهم وجدوا طرقاً أخرى لتحفيز فضولهم واستكشاف المعرَفة، مثل مقاطع YouTube التعليمية ومحادثات TED

 بمعنى آخر، لا يضر أن تكون مبتدئاً ذاتياً لتتعلم ما تحتاجه بنفسك، كما قال أحد القادة مازحاً، أحياناً علينا أن نعلّم أنفسنا استخدام Excel بدل من انتظار شخص آخر ليعملنا أو ببساطة يمكننا وفي بعض الأحيان طلب الإرشاد والتوجيه من الآخرين عندما نحتاج فقط

وأضاف نفس القائد خلال محادثتنا
"كنت أذهب إلى أقسام مختلفة وأجلس مع موظفيها وأسألهم: 'ماذا تفعلون؟ وكيف تفعلونه؟' هذه كانت طريقتي في التعلم"
مرة أخرى، لا عيب في طلب المعرفة من الآخرين، بل إن ذلك قد يعكس روح المبادرة لدينا بشكل أفضل

لكن قبل كل شيء هو ما ذكّرنا به هؤلاء القادة: "تعلّم بالسرعة التي تناسبك وبطريقتك الخاصة واستخدم ما هو مريح بالنسبة لك"

كن مندفعاً بالإنجاز المهني، لا المكاسب المالية

عند استعراض مسيراتهم المهنية الطويلة، قال أحد القادة بحكمة: "لم تكن النقود دافعي أبداً، كان دافعي أن أكون سعيداً، وفي مسيرتي المهنية، أشعر أنني كنت سعيداً دائماً… والباقي أتى بتلقاء نفسه" وأضاف هذا القائد مازحاً: "لم أستيقظ في عمر السابعة عشرة وأقرر أن أكون مصرفياً، كُنت أظن أنها ستكون وظيفة بدوام جزئي، وظلت هذه الوظيفة جزءاَ من مسيرتي لمدة 44 عاماً حتى الآن"
الحياة مليئة بالتحديات غير المتوقعة، وعلينا فقط أن نكون جاهزين لاقتناص الفرص عندما تأتي

لا حاجة للإطالة في هذا الموضوع، فقد تم تلخيصه بشكل مثالي، وما يمكن إضافته ببساطة هو أن الرضا المهني يختلف من شخص لآخر، فبعض الأشخاص يتوقون إلى التقدم، بينما يزدهر آخرون في التخصص والاستقرار، وهناك من يجد نفسه في مكان ما بينهما، المهم هو أن نحتضن ما يمنحنا أكبر قدر من السعادة والرضا كأفراد

 

احتضن القدرة على التكيَف وحتمية التغيير

أولاً وقبل كل شيء سنرتكب جميعاً أخطاء في مكان العمل، وما يهم هو كيفية تعاملنا مع العواقب المترتبة عليها

وكما قال أحد القادة:" أشعر أن النجاحات وحدها لا تصنعنا، أعتقد أن الإخفاقات هي ما يصنعنا، لأننا نتغلب عليها لنتعلم ألا نكررها مرة أخرى"

 القدرة على التعلم من أخطائنا تشكّل المفتاح الأساسي للنمو، فكما أشار قائد آخر: "علينا أن نكون على استعداد لإجراء التغييرات والتحوّل عند الحاجة"، وهنا تصبح المرونة أداة جوهرية في صندوق أدواتنا المهني لتحقيق النجاح

جزء من احتضان المرونة يتمثل في التعامل مع المهام يوماً بيوم، وقد شارك أحد القادة نصيحة في هذا الصدود لمنح أنفسنا بعض التسامح، والتي أثرت فيّ بعمق
"في نهاية اليوم… قم بما تستطيع وكن في سلام مع نفسك، وإذا عدت إلى المنزل ولم تنجز كل شيء حضّر قائمتك لليوم التالي وتعامل معها حينها"

 لا أملك ما أضيفه على هذه الرؤية الرائعة، كل ما أعلمه أنها كانت حكمة كنت بحاجة ماسة لسماعها.

قبل الانتقال إلى النصيحة الأخيرة، يجب أن نتذكر أنَ تقبَل القدرة على التكيَف وحتمية التغيير يشمل أيضاً أسلوب تعاملنا مع فريقنا

كما أشار أحد القادة، أحياناً يغادر بعض أفراد فريقنا بحثاً عن فرص أفضل، وعندما يحدث ذلك نطمح لرؤييتهم يكبرون، ويزدهرون، ويحققون ما هو أفضل لأنفسهم أحياناَ قد لا يكون ذلك ممكناً تحت إشرافنا، فإذا لم يكن الوضع مناسباً لهم، فيجب علينا تشجيعهم وتوديعهم بفخر ونكون سعداء بما سيحققونه مستقبلاَ

 

الرأي = الإدراك = الحقيقة

قال أحد القادة خلال حديثنا: "الإدراك يمثل الحقيقة، سواء كان صحيحاً أم لا، ما تقدمه للآخرين سيعود إليك في نهاية المطاف، ولا سبيل لتجنّب ذلك! وحتى إذا لم يكن الإدراك صحيحاً فإن من يراه سيصدّقه لأنه لا يعرف ما يحدث خلف الأبواب المغلقة"

 بمعنى آخر، إذا كان تصور شخص ما لنا غير صحيح يظل هذا صحيحاً له حتى وإن لم يكن صحيحاً.

فإذا أردنا تغيير هذا التصور علينا العمل لتظهر الحقائق ونصبح قادة أكثر تأثيراً.

تذكّر: الإدراك هو الحقيقة وهذا يشمل تصورنا لأنفسنا أيضاً!

هل تشعرون بالإعجاب والتحفيز؟ مع وصولنا إلى ختام هذه اللقطات من الحكمة، يجب أن أؤكد أن كل هذه النصائح كُرّمت بمشاركتها من قبل القادة الرائعين الذين عملت معهم طوال مسيرتي المهنية

كل ما ناقشناه هنا مستمد من خبراتهم القيادية وتجاربهم الواسعة وذكاؤهم الدنيوي، وعندما نستلهم هذه النصائح ونطبقها في حياتنا العملية، سنسهم في خلق تأثير متسلسل وقوي، يعكس نموذج القيادة المبتكرة التي نرغب في أن يحاكيها الآخرون

آمل أن تلهمنا هذه الحكمة جميعاً للاستثمار في أنفسنا والنمو لنصبح أعظم القادة الذين يمكن أن نكونهم!

 

إلى اللقاء في المرة القادمة!


ديما غاوي هي محفّز قيادي عالمي تشعل التحوّل الجريء في الأفراد والفرق والمؤسسات من خلال مزيج متميّز من السرد القصصي والاستراتيجية والخبرة العملية في القيادة تمكّن ديما المحترفين من تحطيم الحواجز الداخلية وإطلاق الطاقات الكامنة وتحقيق تأثير مستدام من خلال الكلمات الرئيسية وبرامج التدريب القيادي والتوجيه التنفيذي قامت بإرشاد آلاف الأشخاص في ست قارات لتبني التغيير وتعزيز المرونة والقيادة بشجاعة وثقة

إذا كنتم مستعدين لتخطي القيود التي تعيق نموكم وبناء إرث جديد من القيادة يمكنك التواصل مع ديما من خلال

DimaGhawi.com and BreakingVases.com

Comment

Print Friendly and PDF